أنت : أغنى من الغني


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل تعلم بأنه في بعض الأحيان قد تكون أنت أغنى وأفضل من الأغنياء ، كيف؟
سأقص لك ماحدث معي أو مالاحظته عندما قارنت نفسي بأحد الأشخاص الذين اعتقدت بأنهم أغنياء ،  وهذه ليست مصادفه بل حقيقة مطلقه في بعض فئات المجتمع ، والمقصود بالغني هنا هو الاستغناء عن حاجة الناس ولا أقصد الأثرياء.
لدينا في العمل احد الزملاء المعروفين بأنه من التجار الذين يمتلكون محلات تجارية ولديه مصدر رزق آخر غير مرتبه الشهري الذي يستلمه من عمله كعسكري ، علما أنه أعلى منى مرتبة ، وليس غريبا أن لا نصدق نجاحه كتاجر ومظاهر الغناء ظاهرة عليه ، فكل صباح يأتي لدوامه بسيارته الكاديلاك البيضاء من الموديلات الحديثة ، وعندما سالت عن قيمتها في وكالة كاديلاك أثناء تواجدي في معارض السيارات مصادفة اخبروني بأن سعرها ٢٨٠٠٠٠ ريال سعودي ، فقلت سبحان الله يرزق من يشاء بغير حساب .
المهم بأني في ذلك اليوم اشتريت ساعة غالية الثمن ٦٠٠ريال وأنا أعلم بأنها لا تعتبر غالية عند بعض الناس  ولكنها تعتبر غالية بالنسبة لي ، وذهبت إلى دوامي متباهيا بساعتي الجديدة لعلي اسمع بعض الاطرائات ، وبدلا من ذلك لفت نظري ساعة صاحب الكاديلاك وهو يتحدث عن استلامه لسكن الحكومة أخيراً ، وإذا هي من نوع (أوميغا) وهي ساعات معروفه بأن اقل ساعة منها ب ٣٠٠٠ريال ، فما كان مني إلا أن امدح ساعته بأنها جميله وفاخرة وسألته من أين اشتراها ، وبعد ابتسامه عريضة قال لي : هل أعجبتك ? وكنوع من الدعاية أكمل قائلا : إنها بـ ١٥٠ ريال وأبيعها عندي في المحل , تعال وأنا أوريك مجموعه حلوه واسويلك عليها تخفيض كمان , وقال إنها ساعات صينيه مقلده بالدرجة الأولى وأنه يبيعها على الناس ب ٤٥٠ ريال ، فعجبت بأن رجلا مثله يمتلك ساعة بهذا السعر ، وبعد فترة من الزمن إذا به يعرض سيارته الكاديلاك للبيع ، فقال احد الزملاء يمزح ضاحكاً : وهل تعتقد بأن كل الناس مثلك يا أبو فلان يقدرون يشترون سيارة مثل سيارتك ، وقال احد الزملاء : كم تريد ثمنا لها ، قال: أنا شريتها مستخدمه بـ ٨٥٠٠٠ريال ولها معي سنه تقريبا وأرى بأن مبلغ ٧٠٠٠٠ ريال مبلغ عادل ، فقال احد الزملاء : سأشتريها ب ٦٥٠٠٠ .
فضحكت في داخلي متعجبا ، أي تاجر أي خرابيط ،إذا كانت ساعتي أغلا من ساعته وسيارتي أغلا من سيارته وهو يسكن في سكن حكومي وأنا مستأجر وديونه أكثر من ديوني أجل على ايش نقوله غني ، يعني الفرق فقط في المظهر والشكل الخارجي , إذاً حالي أفضل من حاله والله الحمد والشكر , وأنا هنا لا أحاول أن أثبت شيئاً إلا أن هناك أشخاصاً كثيرين مظهرهم الخارجي يدل على أنهم بأفضل حال , وهم في الحقيقة قد يعانون من الديون والأمراض والنكبات أي باختصار لا يوجد هناء بحياتهم , فالله الحمد والشكر الذي أدام علينا نعمه والله الحمد والشكر الذي عافانا مما ابتلوا به وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلا كثيرا , ونسأل الله أن يحفظنا ويرعانا ويحمينا من مصائب الدنيا والآخرة ويرزقنا وييسر أمورنا ويعافينا ويعفو عنا .
وفي قصة أخرى في حفلة نجاح أحد الفتيات وأثناء تقديم الهدايا قدمت إحداهن حقيبة من الماركات الغالية علماً أنها من أسره عاديه جدا وأباها ليس مسئولاً أو تاجراً , وكانت قيمة الحقيبة ما يقارب الـ ٢٥٠٠ريال , ولكن المصادفة أن إحدى الفتيات المعروفات بثراء والدها ومستواهم المعيشي الراقي في المجتمع قدمت نفس الحقيبة  بالضبط ولكن (اكبر منها قليلاً) ،  العجيب في الأمر أن الحقيبة الكبيرة التي قدمتها الفتاة الثرية (مقلدة) وسعرها لا يتجاوز الـ١٢٠ ريال ، وقد تأكدت من ذلك الفتاة الأولى بعد أن ذهبت إلى معرض الوكالة الرئيسي لماركة الحقيبة غاضبة منهم قائلة أنها طلبت المقاس الكبير معتقدة بأنه نصب عليها في مبلغ الـ ٢٥٠٠ريال .
ولكن مدير المعرض أكد لها بأن هذا الموديل بالذات لا يوجد منه مقاسات وأنه نوع ومقاس واحد فقط ، وأقنعها بذلك عندما دخل على موقعهم بالانترنت ورأت ذلك بعينها ، وأخبرها بأنه من المؤكد أن حقيبة صديقتها مقلدة 100% , والمحزن في الأمر ان صديقتها قامت بإهداء حقيبتها الصغيرة لفتاة أخرى بحكم أن لديها حقيبتين متشابهتين , واحتفظت بالحقيبة الكبيرة المقلدة ، فعجبت أولاً : أن الفتاة الثرية قدمت مثل هذه الهدية الرخيصة بينما الأخرى العادية قدمت هدية أصلية غالية الثمن ، وثانيا : أن التي قدمت الهدية الأصلية الغالية لم تستفد شيئا كونها قدمت هدية غالية ، فلو انها قدمت هدية عادية لكان أفضل لها ، خاصة أنها أهدت هديتها لفتاة أخرى واحتفظت بالحقيبة الكبيرة المقلدة ، وثالثا: ان الفتاة الناجحة صاحبة الحفلة لم تستطع التفريق بين المقلدة والأصلية والدليل أنها استغنت عن الحقيبة الأصلية لتهديها فتاة أخرى .
وهنا اتضحت لي بعض الصور , فأحيانا يكون لدى الإنسان أشياء ثمينة لا يعلم قيمتها وقد يفقدها لكونه لا يعلم بأنها ثمينة , وهذا لا يتمثل في الأشياء الملموسة فقط , بل في المبادئ في الأخلاق في الصحة في الحياة بشكل عام , ويجب على الإنسان التفكر في هذه النعم والاقتناع بها وشكر الله عليها , فالقناعة كنز لا يفنى , ولينظر الإنسان لمن هو أدنى منه ليعلم مدى كرم الله ورحمته عليه , ونعمة الإسلام من أعظم النعم التي قد ينسى البعض وضعها في قائمة نعم الله عليه .
وأحياناً يكون لدى الإنسان أشياء تافهة يحتفظ بها اعتقاداً منه بأنها ثمينة وقد يفضلها على نفسه وعائلته وعمله , وهي في الأصل لا تساوي شيئاً ولا تنفعه في الدنيا ولا في الآخرة , وذلك من لم يهديه الله وأعمى قلبه , أسأل الله أن لا نكون منهم .
وأخيراً أسأل الله أن يرزقنا ويعافينا ويعفو عنا في الدنيا وفي الآخرة .
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة واقنا عذاب النار .
يهمني رأيكم وتعليقكم على الموضوع .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    
                    

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طنجه - بوابة المغرب وملتقى الحضارات

صور قديمه